LWt9MaZ9NWtbMqB4Mat8Map8NTcsynIkynwbzD1c

فتاة الفضاء جزء1

BLANTERLANDINGv101
8847040826697857950

فتاة الفضاء جزء1

 فتاة الفضاء


كان حطام المركبة الفضائية يحوم من حولها وهي عائمة بلا حراك. ترى العالم من أمامها، ولكنها لا تسمعه ولا تلمسه. تساءلت في نفسها " هل أنا أطير؟ لا، لا يمكن أن أصف حالتي هذه بالطيران، لأن الطيران يحتاج إلى إرادة وعزيمة ويحتاج إلى استعداد وانطلاق، وأنا عائمة بلا هدف وبلا وجهة، عائمة بلا أنفاس ولا بلى مشاعر. ربما هذه هي نهايتي". فعلاً لم تكن تطير.. بل كانت تموج في ظلمة أماتت الإحساس في قلبها والرغبة في روحها. بقيت على هذا الحال مدة فقدت معها الإحساس بالوقت وانجرفت ببطء داخل نفسها وظلمتها.


أخذت الشمس تلقي بحرارتها الدافئة على جسدها المتهالك وأنار انعكاس ضوء الشمس زرقة الأرض، ولكن ما من شيء تحرك بداخلها لجعلها تريد العودة للحياة ولو أرادت ذلك ما عادت تدل طريق العودة. لكنها سئمت من الضياع وضجرت من الغوص بلا نهاية في عتمة قاتلة.


ربي ... أنقذني!


أفاقت يوماً ولمحته يقترب من بعيد مرتديا سترته البيضاء المنتفخة. اقترب منها وتجمدت في مكانها خائفة. أرادت الهروب، ولكن إلى أين!  فالفضاء يحيط بها من كل جانب وعلى شمالها يتربص ثقة أسود ينتظرها أن تزيح بفكرها نحوه حتى يبتلعها والغريب أنه لم يحدث ذلك بعد. وكان على يمينها "هو"، بخوذته التي أخفت ملامحه، ولكنها لم تخف عينيه. رأت عيناه من زجاجة الخوذة. عيناه اللتان أشعرها بالأمان. نظر لها بكل حنان ومد يده البيضاء نحوها فلم تبادر بإمساك يده. وفجأة! اقترب منهما كتلة فضائية كبيرة حالت بينهما وافترقا. اختفى عن مجال نظرها وعاد الهدوء لكل شيء.


نظرت أمامها من جديد ورأت الأرض مرة أخرى. أحست بجمال زرقتها وكرويتها وعندما أمعنت النظر أحست بحركتها ولأول مرة منذ زمن بعيد جدا تحرك شيء ما بداخلها. أراد الحراك. أرادت أن تريد. أرادت أن يعود صاحب السترة البيضاء. أرادت أن ينقذها. وعدت نفسها أنها ستمد يدها هذه المرة. لكنه لم يعد فأغمضت عيناها بعد أن فقدت الأمل واستعدت للرحيل. هدأت وسكنت أفكارها. سكن كل شيء!



كل شي سكن، ولكنه "هو" لم يهدئ. كان يحاول جاهداً الوصول لها. وأخيرا وجدها وعزم على ألا يفلتها مرة أخرى. وجدها ورمى بجسده كله نحوها، لم يحاول أن يمسك بيدها، بل أمسك بها كلها. أفاقت من سكونها وإذ بخوذته ترتطم بجبهتها وذراعاه في السترة المنتفخة ملتفة حولها. رأت عيناه هذه مرة بكل وضوح من خلف الزجاج. ربما كان التقاؤهما مجرد ثوان بسيطة لكنها شعرت وكأنها ساعات. أومأ برأسه مبتسماً وكأنه يقول لها " ثقي بي"، تركت نفسها كليا.


ثم انطلق بهم إلى سفينته ووصلا إلى بر الأمان وتنفست أولى أنفاسها منذ زمن طويل وحطت بقدمها على الأرض. دخل الهواء من أنفها وملأ رئتيها وتنفست كل خلية في جسدها وعاد قلبها ينبض بالحياة. نظرت من خلفها ورأته يقف في سترته البيضاء وقد خلع خوذته وهو ينظر نحوها وعلت شفتيه ابتسامة رضى بريئة. وبانت ملامح وجه واضحة ولمعت عيناه مع ضوء شمس النهار.


صاحب السترة البيضاء


نظر إليها وهو يتساءل في نفسه. ما الذي أوصل فتاة جميلة ورقيقة كهذه إلى ذلك المكان وكيف بقيت على قيد الحياة كل هذه المدة من غير خوذة الأكسجين. أخذ يراقب حركتها، ولكنها لم تبد أي ردة فعل. لم تشكره على أنه انتشلها من ضياعها ولم تحدثه عن سبب وجودها هناك ولم تسأله عن وجهتهم الحالية.  كانت ما تزال ضائعة وشاردت الذهن واستقر بقلبه أنها ربما تكون فضائية.

تناسى وجودها وأدار المركبة وحطت بسلام على الأرض. فتح باب المركبة وخلع خوذته أغمض عيناه وملأ صدره بهواء الأرض. وما إن فتحها حتى رآها أمامه تخطوا أولى خطواتها على حشائش الأرض ورأي ملامحها وعضلات وجهها ترتخي وبدا وكأنها تريد الابتسامة ولا تستطيع فابتسم هو عنها.

ولاحظ صدرها يعلو وينزل وأنها تتنفس بشكل طبيعي جداً. ملأت الأسئلة رأسه، ولكنه لم يعلم كيف يتخاطب معها. فهي لا تجيب ولا تتجاوب أبداً الا إذا أشار لها بذلك.

قرر أن يأخذها معه إلى بيته وبعد أن يستعيدوا عافيتهم من الرحلة سيبحث في أمرها وربما تعرف على هويتها وإذا ما كان لديها أهل.

خلع ما بقيت من سترته وأكمل ما عليه فعله لإغلاق المركبة وجمع احزمته. وأشاره لها أن تركب معه بالسيارة. رمقته بطرف عينها لجزء أقل من الثانية ثم أعادت النظر بلا مشاعر لكنه أحس بذلك. أشار لها مرة أخرى كما فعل عندما كانا بالفضاء " ثقي بي".

فعلت على الفور وصعدت الى السيارة وتوجها للمنزل.

لحسن حظها أنه يقطن في منزل أهله القديم. أخرج بعض الملابس القديمة من خزانة أخته التي تركت المنزل منذ زواجها. وأشاره لها بأن تغتسل وتغير ملابسها. هل كان بحاجة أن يشرح لها كل هذا.

نعم! فهي مازالت تتصرف كالشبح الذي يمشي بغير هدى.

أعدت لهما بعض البيض المقلي والخبز المحمص وتركه لها مع كوب الحليب دافئ.

ثم أشار لها أنه سوف يخرج.

توجه إلى مكتب عمله الذي كان عبارة عن غرفة في حديقة منزله الخلفية.  جلس أمام جهاز الحاسوب الخاص به ووضع طوقا حول جمجمته وبدأ الجهاز باستقبال المعلومات التي كان يرسلها عقله. كان يعد تقريراً لمكتب أمن المجرات. الشرطي صاحب السترة البيضاء.

ما أن انتهى من صياغة أفكاره وتدوين تقريره اليومي لما شاهده في دوريته بالفضاء قام بخلع الخوذة وبدأت المعلومات تتحول إلى صور و مقاطع متحركة. أمعن النظر فيها جيدا وتأكد أن فتاة الفضاء لم تظهر بأي مقطع منها.

لقد تمكن صاحب السترة من السيطرة على إشاراته الدماغية العصبية التي لا يريد مشاركتها مع مكتب الأمن.

فهذه التكنولوجيا الحديثة صممت خصيصاً لأغراض سياسية.

شعر بتعب شديد. توجه إلى جهاز الذي يلف حول رأسه وقام بالتحدث معه. عادة ما يأخذ رواد الفضاء فترة نقاه معتمدة من مؤسسات العمل لكي يستردوا فسيولوجية الطبيعية. قام بتأكيد الإجازة وأنهى بقية عمله وعاد للمنزل.

وجدها نائمة.. ملامح وجهها طفولية ولا يبدو عليها أنها كانت متجهمة أو ترمقه قبل قليل.

توجه الى غرفته وخلد في نوم عميق.




جزء الثاني 👈  اضغط هنا


BLANTERLANDINGv101
التواصل معنا عبر الواتس اب ×
أملي معلوماتك
بيانات اخرى
أرسال الرسالة